-

نافذة الحب..

نافذة الحب..

3 سنتميترات...هكذا فتح  درفة من نافذته ..بقدر أفقه .. وضيق عقله..

وتناوله للحياة.. لم يستطع ان يرى من نور الشمس..الا غنج البنات وتمايلهن وصوت الضحكات..وكلمات قبيحات..تسمى أقمشة بين سطور أجسادهن.. وبعض من الحلقات معلقة على الصرات...

أنزلق جسده من نافذته خلفهن..وطار قلبه اليهن ومشى وراء تلك النهايات البئيسة ممنيا نفسه بأمسيات وشموع..وصباحات عشق..في كل طرقات المدينة والأزقة والبارات...أختطف فتاته بعنفوانه.. وطارت هي بعقله..جلسا على شاطىء الغروب...غنت لهما فيروز...اترعا من كأس الحب وامتزجا.

وعلى مرمى من ناظريهما.. أذهلتها بارجة الحب القادمة من عباب المحيطات .. وكثرةالرجال...وصوت الدفوف تقرع لأجل عينيها. وأنواع من السمفونيات..وأبواق تنفخ فيها إن أنت الا أسطورة الشاشات..وعبقرية الأدباء والشعراء..بأمرك نرفع الشراع..ونصعد الأمواج...

تركته خلف قدميها.. ووهبت نفسها راقصة الركب المبتذلة... وسيدة الرجال

المنتهكة..!!! 

عاد يجر دوّيه بين الضلوع.. وشكواه لقلب مسلوب...بكى من صقيع النار التي أحرقته..وتجمُد الخفقان..وأنسداد عبور الدماء في الشريان..

أغلق نافذته... توسد خيالات النساء وغفى ...على امل العبور إليهن في نهار يوم جديد.

أوقظه الحب..وشده من كتفيه..

3 سنتميترات مرة أخرى...لا ينقص عنها ولا يزيد..!!!

فتح نافذته...رآهاه سمراء تتهدل بمشيتها كما بطلات الافلام الهندية...لاأرق لا أعذب من سطوتها على تفاصيل يومياته ...ودفتر ذكرياته...صعدا على درجات السينما ...اشتريا الكولا والبوشار ...جلسا في العتمة....تعانفا.. تشابهت حكاية الفيلم مع حكايتهما..كان طرزانها أو سوبرمانها.. يقفز من عمارةالى بنايه...ليخطفها من براثن عصابات الإنتاج.. واستهلاك النساء!!

لكنها في لحظة الحقيقة ...امطت على صهوة واقعها ...ووافقت على اول قادم لخطبتها ..!!!وركلته هي أيضا خلف قدميها .. كما فعلت تلك الشقراء..!!!

جن جنونه ..مشى في الشوارع هائما ملتاعا ..تراشق النظرات مع كل فتاة تسير في حديقة أو تجلس في مكتبة أو تدرس في جامعة أو تتغذى في مطعم مع صديق أو تشتري زينة من الأسواق...

غرق في وهم الحب...وتبادل المسجات مع العشرات والعشرات.. إنتفخت أجفانه..وأتخم بؤبؤ مقلتيه الصغيرتين من كثرة ما غزتا معارك الأجساد.. وتورمت شفتاه من لقاء الشفاه والقبلات..!!!

نخر السوس في أحلامه..ووصل الى عصب أيامه..أمسى وأصبح يخلط

بين الحقيقةوالأوهام.. أهذه أم كلثوم التي تدك على شفتيه أحلى قبل الغرام..؟؟..ولمذا يلكمه عبد الحليم لكمة كادت أن تحرف ذقنه..وتتكسر معها الأسنان..؟؟..أتلك هي روبي التي ترقص في ساحة الشهداء..وتحتفل بنزف الدماء..؟؟..ومارد الجنس يأتيه مشرعاً عضلاته خارجا من شاشة التلفاز ومن الشات ملبيا له كل النداءات..(شبيك لبيك عبدك بين يديك..أو أنك انت عبدي ولكنني سأبقى بين يديك).

دار حول عقله الساخر من هذيانه...حاول أن يمسك به ليعيده الي مكانه...لكن الفساتين القصيرة كانت تسبقه اليه...والبناطيل التي إنكمشت عن الخصورالى حدود القفا..كانت تتلقفه دونه فيتوارى من أمام ناظريه..!!!

هكذا باع نفسه في سوق عبادة النساء.. دار...ودار.. حتى سقط على سريره مغشيا عليه..صرخت أمه خوفا عليه واستدعت الطبيب...

سموم ثاني أكسيد الكربون وحدها كانت تعتمل في رئتيه ..وبين جدرانه..

فالنافذة مغلقة إلا من 3 سنتيمترات لا تكفي لحياة كلب لاهث ولهان..!!

فتح له الطبيب نافذته على مصراعيها الالاف السنتميترات...وبخه..أنبه..عرفه ان

دواءه في نافذته...صرخ في وجهه غاضبا : استنشق يا هذا صورا أخرى من الحياة.

نفذ الأكسجين في ممرات عقله...وأضاءت بها كل الإشارات الكهربائية هناك..وتململت خلاياه العصبية واستفاقت من السبات..!!!

حاول أن يقترب من نافذته أكثر لكنه توجس خيفة وترددا... من أن يعود الى قديمه من جديد.

أذهله ما رأى... أخذ بلب عقله... وأصبح مشدوها بما شاهد من صور أخرى للحب ..ومقامات...هناك في البعيد وعلى مد البصر..

رأى الحب في عصافير...وفراشات..وأزهار ...وربيع...وحدائق غناء...

وسماوات ...وصفاء...

ورآه في تفاحة يقضمها ثغر طفل بريء...وفي يد أب حانية تضرب إبنه

 على قفاه ليعرفه كيف يصبح رجلا في الزمن البعيد...

ورأى الحب غارقا في كتاب يتصفحه طالب علم ويقرأ فيه ويزيد...

ورآه  في حوارات ناضجة بين شقي وسعيد...

ورأى الحب يدور مع عجلة ماكينة قديمة للخياطة تحت أقدام فقيرة تسعى على أولادها...وتصبر على آلامها لتشرق شمسهم من جديد...

ورآه في مناصرة أمة مصابة جريحة بكلمة في مقال أو  سيف في ساحة قتال...

ورأى الحب في تفاؤل بغد منتصر لا إحباط فيه...ولا تنازل...ولا أحزان...

ورآه متكأ على أكتاف الأصدقاء...وضحكاتهم... والمواعيد...

ورأى الحب في ليلة شتوية دافئة يتوسط بين الإخوة وزوجاتهم وأطفالهم يلتهمون به ومعه صحن كنافة ساخنة ومعمول العيد.

ورآه في مختبر الطب...وتلسكوب الفلك ...وقياسات الهندسة...وعمارة الأرض.. وأدب الشاعر...وريشة الفنان...ترسم له معنى للحياة من جديد.

رأى...ورأى...ثم رأى...

جلس بقرب نافذته...ليكتب عن تاريخ الحب عنده...عادت اليه الذكريات بأوجاعها.. وأطلت عليه ذنوبه من أكبر بواباتها ...!!!

تذكر الاله...ومقامات الحب فيه ...رمق السماء بناظريه ...هل وقعت على كل خطاياه ..؟؟

 هل قدمت الأدلة عليه...اغرورقت دموعه بالأسى...

أشاح بنظره الى قلمه...  عله ينقذه بكلمات لديه...

وجده غارقا في سجوده ...ترتجف كل أوصاله وحناياه..!!!

إرتعد خوفا من مشهده...هطلت زخات المطر...

ها قد أعلنت السماء... أنها قد أشفقت عليه...

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أضيف الى الموقع في 13-4-2010م
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تاريخ الاضافة : 14/04/2010 -- 10:46 PM
عدد المشاهدات :
2771
الإسم بالكامل :
البريد الإلكتروني :
التعليق :
 
   
أضف تعليقك
 
 

بحث
 
تم التطوير والتصميم من قبل أعالي التقنية تصميم مواقع جرافيكس أعالي للاعلان تصميم، مجلات، أعلان، تسويق، تصميم شعارات
© جميع الحقوق محفوظة باب الورد 2010
الرئيسية إتصل بنا أضف الى المفضلة