-

بأي ذنب قُتلت..!!

بأي ذنب قُتلت..!!


أعدت نفسها ووضعت زينتها...عاد متاخرا كعادته في المساء...أقفل النظر اليها ليفتح صفحات كتاب أويسمع نشرة الأنباء.

أختلفوا في لحظة الرضا ...ودب بينهما صراع.

بطبيعته الفلاحية التي بين دفتي قلبه كان يهون عليه دوما أن ينطق بأيمان الطلاق على صغائر الأشياء أو عظائمها..لا فرق!!!

على كأس الشاي الذي لم تعده في موعده ...

وعلى سلة النفايات التي كانت تملؤها لقمتها ويتلوث هو بحملها ...

وعلى هدرها لوقتها مع الصديقات...وعلى فاتورة التليفونات...

وعلى الوظيفة التي تسعى اليها سعي المريض للشفاء...

بطبيعتها الرومانسية الرقيقة كانت تعتبر أيمانه بالطلاق وحدة طباعه تجاوزا لكل الخطوط الحمراء...

لكنها لم تكن أكثر تسامحا منه...وكانت تغار عليه من نسمة الهواء...وكطبيب عيون كان عليه واجب شرعي نبيل أن يحدق بكل أصناف العيون!!!!

من فضائله أنه يغضب ثم يصفح...ويقدم أعتذاره إليها سواء كان ظالما أو مظلوما

من نقائصها أنها تعاند وتكابر ...وتغضب أياما وليالي..تتأبى عليه كثيرا...

ليعاود الغضب دورته...وينام كل على ألمه...محتضنا جرحه وكبريائه...

تداخلت الأمزجة وتشابكت...صراعا أخذ الوانه المتعددة وأشكاله...

ولا زالت صدفات الحب بينهما خالية من لآلئها...مع أن أوليات مكوناتها من أتربة وأغبرة كان لابد منها حتى تتشكل اللؤلؤة..وتتضح الصورة وتشرق الحياة عِشرة  وألفة..وهما اللذان لم ينقضى على زواجهما عامان أو أقل من ذلك بقليل.

في تلك الليلة المحمومة بينهما بحرارة جاوزت الأربعين...نامت دون أن تهدأ خواطرها

كانت تزعجها فكرة الإرتباط به أصلاً ..لكنها حاولت ان تصبر نفسها...وقبل أن تسترسل في أفكارها دق ناقوس الخطر على بوابتها... ولما أسرعت الخطى لفتحها فالطرقات عالية والجلبة شديدة..وجدت جيشا كبيرا من الأرهابيين يتربص بها...هنالك بعض الشخوص الذين تعرفهم من أقاربها المقربين ..وبعض من أقارب زوجها..وكثير من نصائح الصديقات البالية عن حزم الأمتعة والكرامة ومغادرة الديار...

وعلى رأس الطارقين الزعيم الأكبر هادم الأَسر وناشر اللعنات بين بني البشر ...قاد الركب وأتى يصفق للخلاف ويستعد لتصفية الحساب...

أرتعدت عيونها نوما من هذا الجمع الغفير.

وعلى أشراقة فجر يوم جديد...أستيقظت من منامها وقد رات فيما ترى الروح في لحظة العبور الى فضاءات الغيب......

عِشرة : طفلة صغيرة تحبو باحثة عن لقمة تكبر معها وتقف بها على قدميها ...أقتربت منها أرادت أن تسحب من بين يديها كومة متكدسة من الملح وقطعة من الليمون الحامض....

أجفلت لما عاتبتها الصغيرة ..لم تريدين وئدي قبل موعد وفاتي يا أمي.!!!!!

هي المذاقات المتعددة التي ننمو بها في الحياة وتنمو بنا.... غير أننا نبدو بسطاء في إدراكنا لألوان الحياة وتشعبها ونشتهي ما لا ينبغي ... ولا نصبر على ما يليق بنا...ونلهث وراء شرور أفكارنا لا نريدها  أن تهرب منا....

نضع على موائد أعمارنا أصناف كثيرة من الأطعمة في الوقت الذي لا نحسن التعامل مع مذاقاتها ...ونتعجل على النهايات السعيدة دونما صبرا لتجاوز حبكة علاقتنا.

في الصباح الباكر حملق جمع الطارقين حول نافذة افكارها وقدموا لها المساعدة في حمل حقائبها...ومغادرة الزمان الذي تصبر به ومعه حتى يُسند ظهرها ويشد من أزرها...لبناء عشها...

في طريق عودتها الى بيت والديها ....أستثارها هذا الجمع الغفير مرة أخرى وهم يقفون في أرض خلاء ...أشخاص يبكون رياءا ... وأخرون يضحكون أستعلاء...ومجموعة ثالثة يثرثرون استجماما...أوقفت سيارتها  وشاركتهم جمهرتهم...عرفت لحظتها انها تقف معهم على مقبرة عمرها ...وتدفن عشرتها .. طفلتها  الصغيرةالتي لم تطعمها شيئا ولا حتى في احلامها ..!!!!

بينما كان  هو يحاول أن يلملم حبات العقد التي تناثرت  من بين يديه وهو يتذكره على عنقها ...

في أيامه التي لم تكتمل معها وأعصابه التي لم تصطبر على حسن عشرتها..رأى من على شرفته روح بريئة تطير في علياء السماء...أدرك أنهما معا قتلا كل فصول العمر فلا استمتعا بحر الصيف ولا دفء الشتاء...ولا قبلا بأن تتساقط أوراق الخريف ليتجدد العهد ويعود الصفاء...

كان الصبر وحده كفيل بأن يجعل طيورهم تهاجر من شتائهما الى صيفهما لتحط

 رحالها في ربيع العمر ثمارا ناضجة وأزهارا.....بدل من أن تغيب في أعماق الفضاء ذكريات وأوجاعا..!!!

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كُتب في 15-12-2006
أُضيف الى الموقع في
 Monday, May 10, 2010
3:40:53 PM
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تاريخ الاضافة : 10/05/2010 -- 03:42 PM
عدد المشاهدات :
2775
الإسم بالكامل :
البريد الإلكتروني :
التعليق :
 
   
أضف تعليقك
 
 

بحث
 
تم التطوير والتصميم من قبل أعالي التقنية تصميم مواقع جرافيكس أعالي للاعلان تصميم، مجلات، أعلان، تسويق، تصميم شعارات
© جميع الحقوق محفوظة باب الورد 2010
الرئيسية إتصل بنا أضف الى المفضلة